أخبار دولية

التدين والثقافة ندوة للدكتور مصطفى لمرابط تستضيفها جامعة ابن زهر:

عدد المشاهدات 2560

المغرب : الدولة بيروكي

عقد بفضاء الإنسانيات مساء الجمعة ندوة بعنوان التدين والثقافة ، أطرها الباحث المغربي مصطفى المرابط مدير مركز مغارب للدراسات في الاجتماعي الإنساني والمدير السابق لمركز الجزيرة للدراسات ومستشار في مجلس الجالية المغربية بالخارج واستاذ بجامعة محمد الخامس بالرباط .

يذكر أن مركز مغارب وهو مركز للدراسات في الإجتماع الإنساني وقد أغنى الساحة العربية والمغاربية بأبحاث ورؤى في مختلف القضايا التي تهم المجتمع والقضايا الإقليمية والدولية وقد سير اللقاء وقدم له د. محمد المازوني، أستاذ مادة التاريخ في كلية الآداب، جامعة ابن زهر، وفي تقديمه للندوة ذكر الأستاذ المازوني بإسهامات الأستاذ المحاضر، والتي هي متنوعة، ولعل آخرها برنامجه الذي يبث على صفحته على الفايسبوك، ”تفاكر“، الذي يقدم فيه تأملات حول مختلف القضايا الفكرية التي تشغل الساحة الثقافية والأكاديمية.
افتتح السيد المحاضر كلمته بالتعريف بالمفاهيم المؤطرة للمحاضرة، وهي الدين والثقافة والتدين، واستطاع من خلال مقاربته المتعدية للتخصصات أن يقترح تعريفا توليفيا تركيبيا لمختلف التعاريف المطروحة، خاصة لمفهومي الدين والثقافة، فاستطاع بذلك أن يتجنب السقوط في الحدية والانتصار لمفهوم دون آخر، ففي تحديده للدين مثال؛ قدم تحديدا يجمع بين التعريف من الداخل، وهو تعريف المتخصصين في الدين والذي يركز على
أثر الدين في دواخل الإنسان، وبين التعريف من الخارج، وهو تعريف العلوم الإجتماعية، الذي يركز على مظاهر الدين على المستوى الإجتماعي. فخلص من خلال هذا التعريف الخلاق إلى أن الإكتفاء بتعريف واحد هو حرماننا من الإحاطة بمكانة الدين ودوره في حياة الإنسان، سواء على المستوى الفردي أو الجماعي. وأردف، معلقا على التعريفات المحدودة التي تقدم على أنها متناقضة، بأن هذه التعريفات لا تعكس سوى زاوية نظر محدودة، وبالتالي لا يمكن أن تلتقط مجموع الظاهرة وإنما فقط جزءا مما تسمح به هذه الزاوية. ثم علق بعد ذلك قائلا: فكيف نسمح لأنفسنا باعتبار تعريف جزئي يشمل الظاهرة في كليتها؟ إذن، يقول
المحاضر: ما يبدو لنا متناقضا هو في حقيقة الأمر ليس إلا قراءة لمفهوم الدين من زاوية واحدة وبالتالي يقتضي تعقد هذا المفهوم إلى أن جمع مختلف زوايا النظر وتوليفها وتركيبها لتكتمل لدينا الصورة.

انطلق بعد ذلك إلى الحديث عن أهمية موضوع العلاقة بين الدين والثقافة، حيث سمح له موقعه كباحث في شؤون الهجرة من خلال مجلس الجالية المغربية بالخارج إلى تقدير هذا الموضوع والوقوف على خطورته وما يحبل به من إمكانيات تساعد على فهم هذه العالقة المعقدة والمركبة بين الدين والثقافة. فبلغة سلسة وقراءة رصينة، كما علق على ذلك رئيس الجلسة، بين الأستاذ المرابط هذه العلاقة من خلال مراجعته لتاريخ التجربة الإسلامية، انطالقا من مرحلة البعثة النبوية، حيث رأى من خلالها مختبرا للكشف عن ما سماه بـ”كيمياء” التفاعل بين الوحي والتاريخ، بين المطلق والنسبي، بين الديني والإنتروبولوجي. وتوقف بعد ذلك إلى خالصة أثارت انتباه الحضور، وتتمثل في قوله بأن التدين هو طريقة لتمثل الدين من خلال قاموس الثقافة، وبالتالي فإن التدين بهذا المعنى متعدد ُّ بالضرورة ويرتبط بالسياقات الثقافية التي أنتجته، خلاف الدين الذي يتعالى عن هذه السياقات. ثم عرج بعد ذلك على مرحلة انتشار
الإسلام عبر الأمصار، التي رأى فيها المحاضر لحظة عكست وعيا خالقا لهذه المجتمعات التي استوعبت هذا الدرس، الذي تبلور خلال المرحلة النبوية وذلك بالتمييز بين روح رسالة هذا الدين، التي هي متعالية عن الشرط الثقافي، وبين تجلياته في واقع الناس والتي تصطبغ بألوان ثقافة تلك المجتمعات. ووصل في الختام إلى مرحلة ما بعد الإستقلال، حيث لاحظ فقدان هذه المجتمعات لتلك “العبقرية”، أي فقدان تلك القدرة على التمييز بين روح رسالة الدين وتجلياتها التاريخية، ودشنت بذلك لمرحلة اعتبرها المحاضر
بأنها كانت ولا تزال مكلفة، والتي تتمثل في التماهي بين الدين والتدين، واعتبار التدين دينا تم تعميمه على كل المجتمعات، دون مراعاة اختالف الأزمنة والأمكنة و الثقافات.

توقف المحاضر قبل أن يختم مداخلته إلى تساؤل مثير حول كيفية تجلي هذه العلاقة بين الدين والثقافة في السياق الأوروبي، الذي اعتبره د. المرابط مختبرا مفتوحا يعد بخلاصات غير مسبوقة، إلا أن الوقت لا يسمح بفتح هذه الملف. وهو ما أثار فضول الحضور الذي طالبوه بضرورة تنظيم لقاء آخر لبسط هذه الجانب من الموضوع.

وفتح بعد ذلك النقاش حيث تدخل مجموعة من الأساتذة والطلبة الذين أثروا الموضوع بتعقيباتهم وإضافاتهم وتساؤالتهم.

اختتمت ندوة التدين والثقافة التي نظمها ماستر التاريخ الجنوب الغربي تحت رعاية الاستاذ محمد لطيف وهو منسق ماستر تاريخ الجنوب المغربي : المجتمع والسلطة والدين وخلفت ارتسامات إيجابية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com